يعمل عالم الفلك Aaron Parsons على البحث في مجال اكتشاف النجوم الأولى التي شكّلت كوننا الكبير منذ 13 مليار سنة، لكن هنالك شيء غير متوقع يقف في وجهه ووجه غيره من علماء الفلك: تعدين العملات الرقمية!
انتشار جنون تعدين العملات الرقمية في الفترة الأخيرة ساهم في استنزاف كميات كبيرة من بطاقات الرسوميات المتواجدة في الأسواق، وهو ما سبب ارتفاع أسعار وحدات معالجة الرسوميات بشكل هائل، وبدون وحدات معالجة الرسوميات لن يستطيع علماء الفلك الاستمرار بعملهم كما في السابق.
يعمل Aaron Parsons في جامعة UC Berkeley مع التلسكوبات اللاسلكية وهي مصنوعة من مئات الهوائيات التي تلتقط الانبعاثات الراديوية التي تتخلل الكون، جميع هذه البيانات تحتاج إلى معالجة في الوقت الحقيقي وذلك من قبل الحاسوب العملاق بهدف صنع خريطة للسماء يمكن أن تساعد علماء الفلك على فهم النجوم الأولى القديمة وكيف تشكّل الكون وأصبح على ما هو عليه الآن.
ويحاول Aaron Parsons في الوقت الحالي ترقية تلسكوبه الراديوي والمسمّى Hydrogen Epoch of Reionization Array أو اختصاراً HERA وذلك من خلال إضافة 350 هوائي في جنوب افريقيا، لكنه وجد هذا الاسبوع أن وحدات معالجة الرسوميات التي يحتاجها لمعالجة البيانات قد ازداد سعر الواحدة من 500 دولار إلى 1000 دولار، الأمر الذي سيزيد 32 ألف دولار على تكلفة الكمية التي يحتاجها!
ويحتاج العاملون في مجال تعدين العملات الرقمية إلى وحدات معالجة الرسوميات القوية من أجل حل المسائل الرياضية الأكثر تعقيداً وذلك بهدف جمع المزيد من العملات الرقمية، وهو ما يؤدي إلى استهلاك المزيد من الطاقة، واستنزاف كميات كبيرة من وحدات المعالجة الموجودة في السوق، حيث ارتفع الطلب في الفترة الأخيرة لدرجة أن الشركات الكبرى مثل AMD و Nvidia لم تكن قادرة على تعويض النقص الحاصل في السوق، مما أثّر بشكل مباشر أيضاً على مدمني ألعاب الفيديو والجيمرز.
بالنسبة لـ Aaron Parsons فإنه سيكون مضطراً لبناء تليسكوب أصغر حجماً ولن يكون قادراً على التقاط الاشارات الراديوية الخافتة، الأمر الذي سيسبب التأخير في مشروع البحث عن أصل الكون.
لم تكن هذه المرة الأولى التي ينهار عمل Aaron Parsons بسبب العملات الرقمية، ففي عام 2014 وعندما كان يبني نسخة نموذجية من التلسكوب المسمّى Canadian Hydrogen Intensity Mapping Experiment ، ظهرت العملة الرقمية البيتكوين وتصدّرت الواجهة، وقفزت أسعار وحدات معالجة الرسوميات خلال أيام قليلة.
ولا تقتصر مشكلة وحدات معالجة الرسوميات في نقطة ازدياد السعر الخاص بها بشكل جنوني، بل أن الطلب الزائد عليها يسبب صعوبة في عملية شرائها خاصةً في حالة شراء كميات كبيرة منها نسبياً كالمشروع الذي يعمل عليه Aaron Parsons ، حيث قام معظم البائعين برفض بيع الكمية المطلوبة حتى لو تم دفع كامل ثمنها المرتفع، وذلك بسبب تخبط السوق وتقلبه وعدم ثبات السعر مقابل ازدياد الطلب.
في حال استمرت أزمة وحدات معالجة الرسوميات بهذا الشكل نتيجة تعدين العملات الرقمية الجنوني، فإن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على علم الفلك الراديوي، وستتأخر الكثير من الدراسات والأبحاث الفلكية التي تكتشف أصل الكون والنجوم، لذلك نأمل أن القضية لن تصل إلى هذا الحد!