هل فكّرت يوماً ما بأن هاتفك الذي تستخدمه طوال اليوم يستمع إلى ما تقوله ويشاهد ما تفعله؟
هل ذكرت إحدى أنواع الأطعمة خلال محادثة ما ثم قمت بفتح تطبيق فيسبوك Facebook لتجد صفحة أو إعلان عن هذا النوع من الطعام؟
قبل الإجابة عن الأسئلة السابقة لا بد أن نذكّر الجميع بأن عدداً كبيراً من المستخدمين – وربما أنت منهم – مقتنع تماماً بنظرية المؤامرة الشهيرة التي تفترض أن الهاتف الجوال يستمع إلى محادثات صاحبه.
وهي من النتائج الأكثر انتشاراً حول العالم التي يقتنع بها المستخدمون اقتناعاً تاماً أو على الأقل يعتقدون أنه من الممكن أن تكون صحيحة.
في محاولة لإثبات صحة هذه النظرية أو عدم صحتها، قامت مجموعة أكاديمية من جامعة Northeastern بإجراء عدة تجارب على أكثر من 17 ألف تطبيق للهاتف المحمول.
حيث تم اختيار التطبيقات الأكثر شهرة وشعبية لمرحلة الدراسة، وهي تعمل جميعها على نظام الأندوريد، وبدأ البحث والتحقيق الذي استمر منذ عام لتحديد فيما إذا كانت هذه التطبيقات تستمع إلى محادثات المستخدم أو لا.
في البداية أراد الباحثون تضمين جميع التطبيقات التابعة لشركة فيسبوك Facebook، ليس بسبب شهرتها وانتشارها الواسع فقط، بل أيضاً لأن تلك التطبيقات متهمة أكثر من غيرها بالتجسس على المستخدمين.
مَن تابع جلسة الاستجواب الخاصة بالرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج في الكونجرس الأمريكي فإنه يتذكر تماماً كيف قام أحد أعضاء المجلس بتوجيه سؤال صريح له عن هذه النقطة بالتحديد.
وأشارت المجموعة الأكاديمية التي تقوم بالبحث أن أكثر من نصف التطبيقات التي جرى اختبارها قد حصلت على أذونات للوصول إلى كاميرا الهاتف والميكروفون الخاص به.
لذلك كانت مهمة الباحثين هي تحليل حركة مرور البيانات أثناء عمل تلك التطبيقات لتسجيل أي حركة غير طبيعية تتمثل في إرسال محادثة ما قد تم تسجيلها دون علم المستخدم.
حسناً، لنأتي إلى النتائج: إذا كنت من الذين يعتقدون بصحة نظزية المؤامرة فهذه فرصة لكي تغيّر رأيك، حيث لم يستطع الباحثون تأكيد أية عملية تسجيل لمحادثات المستخدم.
وانتهت الدراسة إلى أن تطبيقات الهاتف لا تستمع إلى محادثات المستخدمين، ولا تسجل تلك المحادثات بحسب النتائج الأخيرة التي تم توصل إليها.
لكن هذه النتائج كانت فقط بالنسبة إلى حالة قيام الهاتف بالتنصت علينا، فماذا عن قدرته حول مشاهدة ما نفعل؟
أكد الباحثون أن بعض التطبيقات وبشكل مفاجئ كانت تسجّل ما يفعله المستخدم على التطبيق، إما من خلال تسجيل فيديو قصير لشاشة الهاتف أو من خلال لقطة للشاشة، ثم يتم إرسال تلك المعلومات إلى جهات خارجية.
أحد هذه التطبيقات هو تطبيق GoPuff المشابه لخدمة PostMates والذي يُستخدم من أجل توصيل الطعام والوجبات الخفيفة، حيث كان التطبيق يعمل أحياناً على تسجيل فيديو لشاشة الهاتف ثم يرسله إلى جهة خارجية.
وكان التطبيق غالباً ما يعمل على تسجيل الفيديو أثناء قيام المستخدم بإدخال الرمز البريدي، وهو أمر غير مقبول خاصةً أن سياسة الخصوصية التابعة للتطبيق لم تذكر مثل هذه الأمور.
يؤكد الباحثون في نهاية دراستهم أن النتائج التي تم التوصل إليها قد تختلف عند استخدام التطبيقات بشكل طبيعي من قبل المستخدمين، أما في مرحلة الدراسة فقد تم استخدامها من قبل خوارزميات برمجية لتشغيل التطبيق ومراقبته.
في النهاية لا تستطيع الدراسة أن تؤكد بشكل تام وموثوق أن تطبيقات الهواتف لا تستمع إلى المستخدمين، لكنها بذلت جهداً كبيراً ولمدة عام ولم تستطع تأكيد النظرية التي ما زال الكثيرون يعتقدون بصحتها.