على مدار الأسبوعين الماضيين فقدت شركة هواوي Huawei الصينية تقريباً كل شريك أمريكي لها بفضل قرار الحظر الذي وقّعه الرئيس ترامب ومنع بموجبه الشركات الأمريكية من التعامل مع هواوي.
تضررت صناعة الهواتف المحمولة كثيراً لدى هواوي، خاصةً بعد أن سارعت جوجل Google إلى سحب رخصة نظام الأندرويد وبعد تعليق التعاون من قبل شركة Corning لصناعة زجاج الحماية وشركة ARM فيما يتعلق ببنية معالجات Kirin.
المميز في قرار الحظر الأخير هو سباق الشركات الأمريكية على قطع التعاون مع هواوي، حتى أصبحت الشركة تخسر شريك لها بمعدل كل 24 ساعة، لكن بعض الشركات الأخرى بقيت أكثر حذراً في إعلان الحظر.
نحن نتحدث عن شركة عملاقة بحجم مايكروسوفت Microsoft والتي كان من المتوقع أن تخطو خطوة جوجل بالمسارعة إلى تعليق تعاونها مع شركة هواوي، لكن هذا لم يحدث.
اكتفت الشركة بسحب أجهزة الحاسوب المحمولة من هواوي بهدوء من موقعها على الإنترنت، الأمر الذي لمّح إلى بدء خطوات قطع التعاون، لكن الشركة لم تخطو خطوة أخرى في هذا المجال.
تُعد مايكروسوفت واحدة من أكبر شركاء هواوي حيث تقوم بترخيص نظام ويندوز Windows وصيانته على عدد من أجهزة الكمبيوتر المحمولة من هواوي التي يجب أن تحصل على ترخيص مباشر وتحديث من الشركة.
على الأرجح فإن ما يمنع مايكروسوفت من إعلان الحظر الصريح هو قوة علاقتها مع هواوي وتشابك العلاقات التجارية والمشاريع الموقعة بين الطرفين.
لكن لا يمكن لمايكروسوفت مقاومة قرار الحظر عندما يصدر من الحكومة الأمريكية، لأن مخالفة قوانين الحكومة تعرّض الشركة إلى عقوبات تتدرج من عقوبات عادية إلى عقوبات جنائية.
هناك مجموعة من العقوبات للشركات التي تتحدى قوانين الحظر الصادرة من الحكومة، والتي تتراوح من الغرامات إلى أوامر الرفض التي من شأنها أن تضع قيوداً واضحة على ما يمكن أن تصدره الشركة المخالفة، وكل ذلك يديره محققون متخصصون في تطبيق فرض الصادرات.
إذا كانت الانتهاكات صارخة بما فيه الكفاية، يمكن أن تكون هناك عقوبات جنائية، مثل القضية التي شهدت إدانة رجل من نيوجيرسي بتهمة التآمر لتصدير أسلحة إلى أوكرانيا رغم قرار الحظر.
حسناً، هل يمكن أن تتحدى مايكروسوفت قرارات الحكومة وتعرّض نفسها للعقوبات من أجل الوفاء لشريكتها الصينية؟ هذا مستبعد جداً وغير متعارف عليه في عالم الشركات الكبيرة.
السبب الأكثر منطقية هو ما عبّر عنه عدد من الخبراء بقولهم أن مايكروسوفت تنظر إلى قرار الحظر الأخير على أنه زوبعة إعلامية في الحرب التجارية الصينية والأمريكية، وعلى ما يبدو فإن الشركة متأكدة من أن ترامب سيتراجع عن الحظر في أول صفقة.
قد يبدو الالتزام بالهدوء الذي تتبعه مايكروسوفت أكثر ذكاءً من الشركات التي سارعت لإعلان الحظر، وسيكون موقفها أسهل بكثير عندما يتم التوصل إلى صفقة مع هواوي.